أحكام زكاة الفطر

8:32 ص

أحكام زكاة الفطر

كل ما إقترب عيد الفطر المبارك الذي يزورنا مرة كل عام بعد صيام شهر رمضان العظيم كهدية و فرحٍ للمسلمين أجمعين , فلم يرضى الإسلام إلَّا بإشراك الفقراء و المساكين و المحتاجين في قائمة المعنيِّين بفرحِ العيد , و للزكاة أحكامٌ و قواعد  كما لم تخلو هذه الفريضة  من جدلِ في العصر المعاصر  فهناك فريقٌ يُقِرُّ بجواز دفع زكاة الفطر مالاً أي " نقداً " معتقدين أنَّهُ أصلَحُ للفقير في وقتنا هذا  و هناك من يعتقد أنَّهُ من الواجب علينا الإقتداءُ حرفيًّا بسنة النبي العظيم خاتم الرُّسُل محمد صلى الله عليه و سلَّم حيث يرى  هذا الفريق بأنَّ زكاة الفطر يجب أن تعطى ب الشعير و التمر و غيرهم من ما أنتجت الأرض  بقياس " الصَّاع " . سنتحدث أعزائنا الكرام في هذه المقالة عن موضوع الزكاة كاملاً و سنتطرَّقُ إن شاء الله إلى  الموقف الأصح بين الفريقين .

ماهي زكاة الفطر ؟

هي أحد أنواع الزكاة التي أوجبها الدين الإسلامي على جميع المسلمين , وتُعرفُ أيضًا بزكاة الأبدان , و تخرج عن كل مسلم و مسلمة قادر عليها كل عام , و تُدفع عن كل فردِ مسلم من جميع الفئات العمرية صغارا و كبارا و ذلك قبيل إنتهاء شهر رمضان المبارك و يمكن تقديمها قبل صلاة عيد الفطر و هي زكاة تفرض على الأشخاص  عكس الأنواع الأخرى من الزكاة والتي تفرض على المال .

حكمة مشروعيتها : 

أوجب الإسلام زكاة الفطر تطهيرا لنفوس الصائمين في شهر رمضان و قربةً لله تعالى , كذلك تكفيرا للذنوب , بالإضافة إلى أهميتها الكبيرة المتمثلة في إشراك أهم فئة من فئات المجتمع الإسلامي في فرحة العيد و هم " الفقراء و المساكين " فلا يجب أن يبقى أحد محتاجاً للطعام أيَّام العيد .
وفي ذلك قال ابن عبَّاس : " فَرَضَ َرُسولُ الله صَلَّى الله عَليهِ و سَلَّم  زَكاة الفطرِ طُهرَةً للصَّائِم من اللَّغوِ و الرَّفثِ وطُعمةً للمساكين من أدَّاها قبل الصّلاة فهي زكاةٌ مقبولة ومن أدَّاها بعد الصَّلاة فهي صدقة من الصَّدقات " ; وهذا تأكيدٌ على وجوب دفعها قبل صلاة العيد لتحسب زكاةَ فِطرٍ كاملةً أمَّا دون ذلك فهي صدقة عاديَّة أقلُّ أجراً من زكاة الفِطر .

من المعني بزكاة الفِطر ؟

تجب زكاة الفطر على كل مسلمٍ قادرٍ مُستطيع , و هذا يعني أنَّ كُل من يجد ما يزيد عن حاجته من الطَّعام  خلال أيَّام العيد فهو معني بأمر زكاة الفطر , وهي زكاة عن جميع أفراد البيت مِمَّ، هم تحت جناح ولي الأمر أو رب الأسرة , كما يستحبُّ أن تدفع حتى على الجنين في بطن أمِّه الذي أتمَّ أربعين يوماً من عمره , كما لا يجوز للزوجة أن تدفعها عن نفسها حتى لو كانت غنية لأنَّها تجب على رب الأسرة فقط .  

من يستفيد من زكاة الفطر ؟

من المعلوم لدى عامَّة المسلمين أنه لا يجزىء دفع الزكاة إلاَّ للأصناف التي عينها الله في كتابه الكريم ,
ِِِقال الله تعالى : " إنَّما الصَّدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلَّفة قلوبهم و في الرِّقابِ و الغارمينَ و في سبيلِ الله و  ابن السَّبيلِ فريضةَ من الله و الله عليمٌ حكيم " . فهؤلاء المذكورون في هذه الآية الكريمة هم أهلُ الزكاة الذين جعلهم الله محلا لدفعها إليهم , لا يجوز صرف شيءٍ منها إلى غيرهم إجمالاً .
و أخرج أبو داود وغيره عن زياد بن الحارث مرفوعاً : إنَّ الله لم يرضَ بحكمِ نبيٍّ أو غيره في الصدقات حتَّى حكمَ فيها هو فجزَّأها ثمانية أجزاء . وقال النَّبي صلَّى الله عليه و سلَّم للسَّائل : "
إن كُنتَ من تلك الأجزاء أعطيتكَ ".
وذلك أنَّهُ لمَّا اعترض بعض المنافقين على النَّبي صلَّى الله عليه و سلم في الصدقات , بيَّن الله تعالى أنَّهُ هو الَّذي قسَّمَها , وبيَّنَ حُكمَها , وتولَّى أمرها بنفسه , ولم يكل قسمتها إلى أحدٍ غيره .

ولا يجوز صرف الزكاة في غير هذه المصارف " و إنَّما الصَّدقات للفقراء و المساكين ".

أفضل وقت لإخراج زكاة الفطر : 

كما ذكرنا  أعلاه  إنَّ وقت إخراج زكاة الفطر محدود في حيز زمني  يحده شهر رمضان من جهة " في الغالب العشر الأواخر " و يحده صلاة العيد من جهة أخرى أي أنَّها لا تحسب زكاة فطر خارج هذا الحيِّز , و يسأل الكثير من المؤمنين عن الوقت الأمثل لإخراج زكاة الفطر فقد جرت العادة إخراجها ليلة العيد قبيل صلاة العيد بساعات , و توزَّع صدقة الفطر في غروب شمس آخر يوم من شهر رمضان المُبارك , كما يجوز التعجيل في إخراجها للفقراء قبل يوم أو يومين من العيد , إقتداءًا بما يفعل بعض الصحابة الكرام , و آخر وقت لإعطائها هو صلاة العيد .

مقدار زكاة الفِطر وكيفية وجوبها :

تُقدَّرُ زكاةُ الفِطرِ بصاعٍ واحدٍ عن كلِّ فرد و يكون هذا الصاع من " الأرز أو القمح أو الشعير أو الزبيب أو الطحين أو أي طعام آخر يتقوت به و يستحسن أن يكون هذا الطعام ذا صلاحية طويلة مثل الأطعمة الجافة لأنه قد يتعرض لضروف تجعله غير صالح للأكل وقد يضر.و الصَّاعُ معروفٌ و مُتَّفقٌ عليه بين جميع المسلمين وهو يساوي تقريباً ثلاث كيلوغرامات ,
و يجوز إخراج ما يساوي ذلك نقداً للمساكين  وذلك حسب المذهب الحنفي و الشافعي .
أمَّأ في المذهب الحنبلي و المالكي فلا يجوز إخراجهما نقدًا , أمَّا في مذهب الإمام أحمد فقد جعل إخراجها نقدًا بشرط وجود حاجة أو مصلحة في ذلك .

 هو الأقرب إلى منطق أصحاب فكرة إخراج الزكاة نقدًا  بحيث أن فرحة العيد لا تقتصر على الطعام فقط بل تمتد لأشياء أخرى من بينها اللباس الجديد و الثوب الطيب  و الإسلام يسعى إلى جعل جميع فئات المجتمع متساوية في فرحة العيد ومنها الفقراء و الذين قد لا يجدون لباسًا جديداً يحتفلون و يفرحون به و قد لا يتطابق م أخرج من الزكاة مع حاجاتهم و رغباتهم .
مثلاً : لا يمكن بأي حال من الأحوال معرفة ما إذا كان الفقير يحتاج إلى الأرز فعلاً , و لا يمكن كذلك معرفة ما إذا كان ذلك الفقير قادراً على تناول ذلك الأرز فكيف  يقوم بطهيه وهو لا يملك أي تجهيز مطبخي ؟ و هل لنا أن نضمن أنَّ هذا الأرز يدخل البهجة و الفرحة على ذلك الفقير أو ذاك كما لا يمكننا معرفة ما إذا كانت صحة الفقير تسمح له بتناول الأرز " فهناك من يعاني من بعض الأمراض المزمنة تمنعه من أكل المعجنات ".
و الإشكال الأساسي هنا هو أنَّ مُخرج الزكاة في هذا العصر في أغلب الأحيان لا يعرف من سيستقبل هذه الزكاة و بالتالي لا يعرف ماذا يناسبه و ماذا يحتاجه , و هنا يُرى أنَّ إخراج الزكاة نقدًأ توفرُّ إحتياجات الأغلبية العظمى من الفقراء و المساكين .

أمَّا الفريق الثاني فيرى أنَّ الزكاة لا تخرج إلاَّ طعامًا أي التنفيذ الحرفي لما جرت عليه العادة في عهد النبي الكريم خاتم الرُّسُل و التي تجسدت في إخراج زكاة الفطر طعامًا و كل ما يُقتاتُ منهُ كغذاء أساسي يغتني به الفقير عن باقي الأطعمة  وهذا كما يرى عامَّة العلماء في الإسلام و كما يقر عامة العلماء بأنه لا يجوز إخراجها نقدًا و يدعون إلى الإلتزام بما جاءت فيه النصوص الشرعية كما هي . كما يرون كذلك بأنَّ إخراج زكاة الفطر نقدًا إجحافًا في حق الفقير حيث أنَّ قيمة الصاع نقداً لا تُكفِّي الفقير حقَّ الكفاية و هنا يكون الطعام مُغني أكثر من النقد  و هذا هو الأصل في إخراج الزكاة و هو ماكان يقوم به أسلافنا الأولون .

و يوجد فريقٌ ثالثٌ يتوسَّطُ الفريقين في موضوع كيفية إخراج زكاة الفطر , حيث ترى هذه الطائفة من العلماء أمثال " الإمام أحمد " و يتلخص موقفهم في أنَّ الأصل هو إخراج الزكاة طعامًا مع جواز تسديد الزكاة نقداً بشرط وجود حاجة أو مصلحة في ذلك , حيث أنَّ هذا يعتمد على الأولويات و الضرورات لدى الفقير المستفيد من الزكاة   و قد ذكرنا بعض الأمثلة عن هذه المصالح في الموقف الأول " أصحاب فكرة إخراج الزكاة نقداً " .

فمن أراد إتِّباع الأصل  " إخراج زكاة الفطر طعامًا " فله ذلك وهي مقبولة إن شاء الله  و من أراد إتباع المُجيز لإخراجها نقداً فله ذلك وهي مقبولة إن شاء الله و العُهدةُ على من أفتى بذلك .  

للمختصر المفيد تابع هذا الفيديو ستجد الإجابة المختصرة





شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة